Thursday, November 14, 2013

الفصل الأول


إسكندرية, 14 مارس 2012

شارك يونس فى طابور طويل على الكورنيش منتظرأً أى مواصلة لتنقله إلى بيته بعد عناء طويل فى يوم جامعى ممل. أكتفى بخمسة عشر دقيقة من الانتظار حتى أخذ القرار بالعودة لمنزله على قدميه. أخذ منه الأمر ساعة ونصف حتى وصل منزله بعد أن أنهك أنفاسه وتورمت قدماه.

كعادته يدخل منزله يحيى أمه, ليس بالشكل الرتيب التقليدى, تربطهما علاقة صداقة  قوية لتعوض حرمانه من أخ أو أخت وحرمانها من زوج بعد أن هجرهما بعد مولده بعد أن سافر فى مطلع التسعينات كمعظم الشباب المكافح فى تلك الفترة فى بداية حياتهم بأن يهاجروا لأمريكا أو انتظار عقد عمل فى الخليج, المهم أنه ذهب ولم يعد وأرسل لأمه بالبريد ورقة طلاقها.


  • لسة قافلة مع جدك دلوقتى
  • عامل ايه؟
  • تعبان شوية, من كلام خالك أنا خايفة إنه..
  • صل علنبى آحاجة, عازاكل
  • عازاكل, مربية حمار فالبيت, فى حاجة اسمها لو سمحتى
  • عازاكل

توجهت إلى المطبخ وتتبعها

  • إنت محسود على فكرة
  • أنا مثير وأعرف ذلك
  • كنت بتكلم مع جدك دلوقتى وبحكيله, زمان لما كنا صغيرين أنا وخواتى كان بيجى يقرالنا قرآن واحنا نايمين, لما كان حد بيتاوب وهو بيقراله قرآن كان بيقوله إنه محسود
  • قلتلك مش بحب اهتم بالكلام ده
  • يبنى الحسد مذكور فالقرآن
  • أمى, أنا فاهم, لكن أنا مش كل ما يحصلى مصيبة هعلق ده على شماعة الحسد, صل علنبى وربك يستر
  • طب خد طبقك


لم يهتم لإنه لا يحب أن يعلق ظروف حياته وفشله على شماعة الحسد, هو مؤمن به ولكن لا يعتمد عليه ليكون شماعته.
كان يومه طويل بما يكفى ليتغاضى عن رائحته القذرة وينام.
عاد ليفكر مرة أخرى فى كلام أمه... عادى يعنى طول ما إنت مؤمن بالله ومبتغضبهوش كبر دماغك.
ولكنه عاد ليفكر فى حجم الأخطاء التى ارتكبها فى حياته... جايز, قشطة قشطة كبر دماغك.
لم يحتاج وقت طويل لإطفاء نشاط عقله ولتخيلاته بأنه محسود أو أن غرفته مليئة بالشياطين أو خلافه, الخيالات التقليدية لأى طفل التى يستحى الكبار من الإعتراف بأنهم يخشونها, هم فعلاً يتخيلوها ولكنهم يحاولون بشكل ساذج إنكار ذلك، نام.

تذكر نفس الحالة التى تصيبه من حين لاخر...  اهدى, إنت عارف إنك محتاج تركز عشان تعرف تصحى نفسك, جن؟! شيطان؟!, أنا عارف إن مش من المنطقى إنى أصرخ زى أى طفل أهبل “آمااااامااااااه!!!” إنت اللى هتصحى نفسك وفى أسوء الظروف الخيالية لو كان فى حاجة وليعاذ بالله فإنت راجل البيت.. إنت اللى هتحميها

ربما هى وجهة نظر بائسة لإيقاظ نفسه, أو مقنعة ولكنه اعتاد على هذا المنطق بعد أن شاهد "Bram Stoker's Dracula" وكأى طفل يخال له من أى حركة أو صوت بسيط وهو نائم بأن هناك مسخ أو كل ما تحب أم تصفه من خيالات أصابتك كطفل صغير, المهم أنه أياً كان ما سيظهر, فهو من سيحمى أمه وليس العكس.

بدء يرى ألوان ترتعش وهو يقاوم حتى تمكن من الاستيقاظ، اطمئن, نام وتكرر نفس الموقف مرة أخرى.
اعتبره المهدى المنتظر, ولى من أولياء الله الصالحين, هو لا يكترث ولكنه عاش طول حياته يشك بأنه هناك شئ غير منطقى به, هو عنده بعض البارانويا, أياً كانت تفسيراتك أو تفسيراته لكن كليكما سيتفق بأنه هناك شئ غير منطقى ولكن كل هذا كفيل بأن يجعله يعيش طول حياته يشعر بأنه مطارد, بارانويا.

مرة أخرى استطاع أن يوقظ نفسه ولكنه ارهق هذه المرة وقرر ألا ينام حتى صباح اليوم التالى.
بدأ يشك بأن ذلك يشابه لأعراض خرافة الجاثوم ولكنه رجح بأن السبب هو الاجهاد, يومه كان طويل بما يكفى ليصيبه أكثر من ذلك.


سره مدفون فنفس كل إنسان, كأى إنسان, ليس اعجاب ببنت أو ادمان مخدر ولا العادة السرية, ربما هو متهم بخطيئة, هو ليس مثالى, أو ربما بغيرهم من الخطايا, لكن سره كان أكبر,على الأقل بالنسبة له.
الحقيقة التى لا يتحدث أحد عنها أو حتى شك بوجودها لا يذكرها لوجود احتمال اتهامه بالجنون.

أنا ازاى شايف كل الناس؟ يعنى أنا الكون اللى بيدور حواليا؟ مكنش هيبقى فى كون لو متخلقتش؟ أنا بصيرة الكون؟ أنا المختار؟ طب مختار لايه؟ أنا حاسس إن أنا الكاميرا اللى بتدور من خلالها كل الأحداث.
كلنا ولو فمرحلة من حياتنا نمر بأسئلة وجودية, كطور نمر به فى مرحلة النضوج, كمرحلة التشكك والتفكير فالالحاد, لو لم تمر بها فتأكد إن أولادك سيمروا بها, هو مر بها كلها,سيطر على بعضها والبقية تركها حتى يجد اجابة منطقية على كل اسئلته, هو منتظر مصيره,مؤمن أن اجابات اسئلته ستحدد مصير محتم ورحلة ستغير مستقبله, أو دور مهم فوسط أحداث عظيمة, لكن كان مسيطر على خياله..
ركز فالواقع, عادةً التقلبات المصيرية مش هتحصلك, إنت بعيد كل البعد عن ده
أهم من هذا كله أنه لم يرد أن يعيش لتكون حياته مجرد عبرة لغيره, حتى ولو عبرة حسنة لاخر من الممكن أن ينجح, هو يريد أن يكون هو الشخص الذى سينجح.



فتح اللابتوب, soundcloud, … "بيقرأ عليه سورة الفلق قول له يا شيخ سيد الشباب بيقول آمان آمان آمان اتداويلنا ها الولد من الجن و من كل الحــ…"
اعتاد يتخيل حياته بموسيقة تصويرة, عينيه بفلاتر وصباحه بـخبر وفاة
الساعة الثامنة صباحاً جاءه اتصال اعتاد عليه مؤخراً..
ألو, أيوة خير؟ لا حول ولا قوة إلا بالله, شد حيلك. هى الجنازة امتى؟ طيب, شد حيلك.

نزل ليأخد الثواب ويقضى الواجب, المتوفى والد صديق له, علاقتهما ليست قوية, ولكنه ثواب.
قريب, بعيد, كبير, صغير, شاب من سنه, راجل بتاع ربنا,…. ابتلاء من عند ربنا؟ جايز
توقف عن التساؤل أو التعجب من عمر المتوفى, ولكن مع الوقت بدأ يشعر بوجود حمل على صدره, وزن كتشبيه أقرب, عبء أو طعنة, من تتابع الابتلائات وكل تفصيلة صغيرة, المهم أنه يشعر بوجود حمل غريب لا يريد أن يعطيه اهتمام لا يستحقه, نفسياً؟ جايز.
وصل المدافن, مدافن المنارة وبدخولهم ابتدى الوزن يتحول لطعنة, لبست متكررة, بدأ الألم يتحول فى صورة كأنه يحمل طفل ثقيل, معلق فى رقبته واضعاً ركبتيه على صدره, لكن أثر ركبتيه يغرس أكتر فصدره مع الوقت.

أنا ليه يغمى على فالمدافن؟ أنا معرفش حد والواد أصلاً مش هيبقى فايقلى
بدأ يرى نفس مشهد الألوان المرتعشة مرة أخرى ولكنه مستمتع به هذه المرة حتى أنه تخيل المشهد وهو يسمع عبقرية إبراهيم معلوف, بيروت
 https://soundcloud.com/guszti/ibrahim-maalouf-beirut

قشطة يعنى, كدة كدة أنا مش هموت دلوقتى, أنا لسة موصلتش رسالتى أو حتى مش هى دى النهاية المنطقية المتطابقة لأحداث حياتى, فين العبرة حتى؟! _  ظلام



https://soundcloud.com/mydraft/ql67cnasyris

استيقظ, يحاول أن يستفيق من صورة ضبابية...… يا حبيبى, يااااااااااااااااه حبيبى
*تصفيق*
يا حبيبى
*تصفيق*
الليل وسماه ونجومه وسهـ…
  • أنا حى, جميل, أنا فين؟
  • طلعنا من هنا حالاً

صوت غريب, يميل إلى أنه يكون أنثوى

  • حمدلله بالسلامة يابنى


لولا إنه مكنش شيخ ولابس أبيض فأبيض وراكب حصـ…. المهم كل كليشيهات الميتين متحققتش, أيوة أنا حى يبدو إنه صاحب البيت ده.
  • أنا لازم امشى
  • اسف, محدش فيكوا هيمشى
  • فينا؟
  • إنت واللى معاك
  • معايا؟ إنت كفيف يا حج
  • اتأدب يا ولد! أنا عارف مين وكام فبيتى دلوقتى
  • سلامو عليكو يا حج
  • لو طلعت بيها فوسط المقابر دلوقتى اعتبر نفسك ميت
  • مقابر؟ هو البيت ده جوة المدافن؟  لو محتاج فلوس مفيش مشكلة هديـ...
  • إنت معكش غير فلوس مواصلاتك فالمحفظة, أنا اسف كنت بدور على أى معلومات تدل على هويتك, متقلقش لو كنت عايز أذية كنت أذيتك وإنت نايم
  • مش فاهم, إنت عايز إيه دلوقتى؟
  • طلعنا من هنا حالاً. نفس الصوت الأنثوى الذى سمعه أول مرة ولكن يبدو أن العجوز قد لاحظ نفس الصوت الذى ظنه فالبداية هلاوس.

يهم العجوز بضرب يونس بعصاته على رأسه ولكن قبل أن تصل عصاته, ظلام



"….وفى أسوء الظروف الخيالية لو كان فى حاجة وليعاذ بالله فإنت راجل البيت.. إنت اللى هتحميها"
يتبع

No comments:

Post a Comment